مزايا المريض المثالي وحقوق الأطباء!
للمريض والأطباء المثاليين مزايا متعددة
د.كمال.أ.حنش
يتم عامة مناقشة مزايا الأطباء والمراكز الطبية المثالية مع اهمال طرح سؤال في غاية الأهمية وهو حول مزايا المريض المثالي التي قد تلعب دوراً أساسياً في انجاح المعالجة وتوطيد الثقة بينه وبين طبيبه. فكما أن للمرضى حقوقهم المهمة هناك أيضاً حقوق ثابتة ومعترف بها للأطباء أنفسهم لا يمكن تجاهلها أو العبث بها من قبل المرضى لأن ذلك قد يؤدي إلى تفكك الروابط المتينة والثقة والاحترام بينهما وتؤثر سلبياً على العناية الطبية التي يفترض أن تكون مثالية. فإذا ما تناولنا آراء الأطباء حول المزايا المثالية التي يجب على المريض أن يتمتع بها فإن أبرزها يرتكز على الاحترام المتبادل بينه وبين طبيبه والثقة والتقيد بالتعليمات الطبية واستيعاب جميع تفاصيل المرض ووسائل تشخيصه ومعالجته من قبل المريض الذي عليه أولاً أن يوفر المعلومات الدقيقة حول أعراضه السريرية بدون التعمق بتفاصيل تافهة أو غير مهمة لا صلة لها بمرضه وان يطرح الأسئلة الضرورية لتفهم وضعه الصحي من جميع جوانبه والاقتناع بالاجوبة قبل الموافقة على أية وسيلة تشخيصية أو علاجية ولكن بدون اللجوء إلى تحدي الطبيب حول معرفته وخبرته وكفاءته وضرورة الاستعانة برأي طبي آخر أو حتى عدة آراء إذا لم تقنعه الأجوبة التي يوفرها الطبيب له. وقلما يدرك المرضى تأثيرهم السلبي أو الايجابي على أطبائهم وعنايتهم الطبية من حيث سلوكهم ومشاركتهم الشخصية في معالجتهم لا سيما ان الأطباء قد كرسوا حياتهم لمعالجة المرضى وتخفيف آلامهم وعذابهم ونقلهم إلى شواطئ الأمان والاستمتاع بصحة جيدة وممتعة بعون الله عز وجل.
ولكن علينا ان نشدد على نقطة مهمة وهي ان الأطباء مهما حاولوا ومهما كانت مؤهلاتهم وخبرتهم ومهارتهم قد يفشلون أحياناً وفشلهم هذا غير المقصود قد يؤثر عليهم نفسياً أكثر ما يتصور المريض وأهله فيسبب لهم الاحباط والكآبة والقلق وأحياناً عقدة الذنب فلا داعي إلى إهانتهم أو تقليل الاحترام نحوهم أو تشتيت ثقتهم الذاتية، فالطب ليس بالعلم الدقيق والصحيح في جميع الحالات والطبيب ليس بساحر أو بحاسوب آلي معصوم عن الخطأ، بل هو انسان له عواطفه وشعوره ومشاكله الشخصية التي قد تؤثر أحياناً على سلوكه ولكن ذلك لا يبرر الإساءة أو تقلل من الاحترام المتبادل أو فقد الثقة به أو بمؤهلاته حتى لو أخطأ أحياناً وغمره الغضب أو العصبية.
وبالنسبة إلى معظم الأطباء فإن المريض البشوش الوجه بالرغم من مرضه والمثقف والمتحلي بالأخلاق الرفيعة والمتسامح والذكي والمتفهم لوضعه الصحي الذي يتوق للاجابة المختصرة والمهمة بالنسبة إلى أسئلته والمدرك تماماً ما يحاول طبيبه أن يوفر له من العناية الطبية المثالية بعيداً عن روح التجارة والابتزاز والمستعد أن يضع ثقته كاملاً بطبيبه ويشاركه الاحترام المتبادل التام والذي يتمتع بآداب السلوك والاحتشام واللياقة والشجاعة والصبر والرضى وحتى الرغبة أن يمدح طبيبه أحياناً فلا يبدي نحوه شعور التحدي ويثني على جهوده ويشكره عليها ويتقبل حصول بعض المضاعفات غير المتوقعة طالما يحصل على أفضل عناية وأفضل النتائج الطبية. فكم يدور في بعض الندوات الاجتماعية بين الأطباء من أحاديث حول أخلاقيات بعض المرضى وتذمرهم وسوء أخلاقهم ومعاملتهم السيئة للفريق الطبي الذي يعتني بهم ونفور أطبائهم منهم ومن سلوكهم مما يؤثر على معالجتهم وتوطيد الثقة بينهم والمشاركة في المعالجة المثالية لهم وتفكيك أواصر الاحترام المتبادل بينهم. فكم من مريض تتشوق أن تراه مجدداً وتبذل الجهود المكثفة لارضائه، وكم من مريض وللأسف ينفر منه طبيبه بدون اهمال معالجته المثالية ويعتبره عدواً قد يجره إلى المحاكم إذا ما حصلت أية مضاعفة له بدلاً من احتضانه كصديق عزيز يربطه به الشعور المتبادل بالثقة والاحترام والمودة والاخوة. فللأطباء حقوقهم، كما أن للمرضى حقوقهم الأساسية التي لا يجوز لأي مريض العبث بها خصوصاً إذا ما تحلى الطبيب بالأخلاقيات الرفيعة والخبرة الواسعة والمهارة الثابتة والسلوك المهني والشخصي المثالي والذي كرس حياته لخدمة مرضاه بكل ثقة وقدرة وتفان ولياقة وحدق إلى ما يبرق صورة الطبابة النبيلة والفريدة.
الرياض 17/09/2006م
03.12.07 13:44