عدد الرسائل : 92 العمر : 37 الفرقة الدراسية أو العمل : الرابعة مزاجى : تاريخ التسجيل : 10/12/2007
موضوع: موضوع للنقاش:نزيف العقول بين مصر وإسرائيل 24.12.07 8:16
نزيف العقول بين مصر وإسرائيل ـ د.محمد سعد
د.محمد سعد : بتاريخ 23 - 12 - 2007
كان إحساسي هو مزيج من مشاعر الدهشة والألم عندما قرأت تقريرا نشرته جريدة هاآرتز الإسرائيلية يوم 29 نوفمبر الماضي، تتحدث فيه عن ما أسمته "عودة الحقوق "، وتطرق التقرير إلى الخطة التي وضعها وزير استيعاب المهاجرين "ياكوف ايدري" لعودة 25 ألفا من المهاجرين إلى الكيان الصهيوني وكلهم من العلماء وأصحاب العقول والتخصصات النادرة، بالإضافة إلى الميزانية الضخمة التي وضعتها الحكومة لإعادتهم والمميزات الهائلة التي تنتظر من يعود إلى إسرائيل. تطرق تقرير هاآرتز أيضا إلى الخطة التي تبذلها الحكومة لاستيعاب وعودة 700 ألف يهودي من المواطنين العاديين إلى إسرائيل، والإغراءات التي تنتظرهم من حيث ضمان الحصول على وظيفة والرعاية الصحية المتميزة والإعفاءات الضريبية وغيرها . كثير من التفاصيل وردت في التقرير لو اتسع لها المجال فإنها ستزيد من غيظ وحنق كل من يقرأ هذا المقال فبدون شك سيتبادر إلى الذهن المقارنات بين احترام الإنسان وتقديره ورعاية الكفاءات بيننا وبينهم. وبين اهتمام ورغبة إسرائيل في عودة هذه العقول المهاجرة، والجهود التي تبذلها مصر والدول العربية في نفس الإطار.
يأتي هذا في الوقت الذي تأتي إسرائيل في المرتبة الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة من حيث معاهد الأبحاث والقدرات العلمية، وفي المرتبة الثانية بعد ألمانيا في عدد المهندسين قياساً على عدد السكان، وفي المرتبة الرابعة بعد اليابان والولايات المتحدة وفنلندا من حيث استيعاب التطورات التكنولوجية.بالإضافة إلى وجود سبع جامعات عبرية ضمن أفضل 500 جامعة في العالم ، ووجود 11 عالم صهيوني ضمن الفائزين بجوائز نوبل.
في الحقيقة فان الدول العربية هي أحوج ما تكون إلى تبني مثل هذه الخطط حيث هاجر من مصر فقط وفقا لتقديرات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أكثر من 824 ألفا من حملة الشهادات العليا والتخصصات المميزة، بالإضافة إلى حوالي عشرة آلاف يعملون في مواقع حسّاسة بالولايات المتحدة الأمريكية، من بينهم ثلاثون عالم ذرّة يخدمون حالياً في مراكز الأبحاث النووية، ويشرف بعضهم على تصنيع وتقنية الأسلحة الأمريكية الموضوعة تحت الاختبار، كما يعمل 350 باحثاً مصرياً في الوكالة الأمريكية للفضاء ناسا.إضافة إلى حوالي ثلاثمائة آخرين يعملون في المستشفيات والهيئات الفيدرالية، وأكثر من ألف متخصّص بشؤون الكومبيوتر والحاسبات الآلية. وتكمن المشكلة في الخطورة الهائلة التي يلمسها الجميع على مستقبل مصر وباقي الدول العربية الأمني والاقتصادي إذا ما استمر الأمر على هذا المنوال، وفي هذا الإطار فقد قرأت دراسة مطولة للباحث العراقي "د.وليد الحيالي" توصل فيها إلى أن التكاليف المالية و الاجتماعية الضائعة من هجرة العقول العراقية أكثر من مليار و700 ألف دولار، بالإضافة إلى أكثر من 4 مليارات دوار هي خسائر الاستغناء عن هذه العقول. هذا بالرغم من أن عدد العلماء العراقيين أقل بكثير من المصريين في الخارج.
وغير خاف على أحد أن الوضع الاقتصادي الحالي للبلد، بالإضافة إلى وجود هوة بين أنظمة ومناهج التعليم والتدريب، واحتياجات سوق العمل في المجتمع، قد أسفر عن ناتج زائد من الموارد البشرية لا تجد مجالا ولا إمكانيات تتناسب مع قدراتها ، فتعين على الأفراد أن يسعوا للعمل خارج بلادهم أو تدفعهم الظروف المعيشية إلى الهجرة حتى لو كلفهم ذلك حياتهم. وقد أدهشني بشدة مقابلتي للكثير من الشباب الجامعي الذي زاد إقباله على البحث عن طرق الهجرة غير الشرعية لأوروبا بعد حوادث غرق المراكب الأخيرة لأنها فتحت لهم باب من الأمل لم يكن معروفا من قبل.
هناك نمط آخر من النزيف هو النزيف الداخلي للعقول وهو ميل الكثير من العلماء وأصحاب الكفاءات المتميزة إلى المعيشة على هامش الحياة ، وتوجيه اهتمامهم كله نحو العلم في حد ذاته والمعرفة من أجل المعرفة وليس من أجل تطوير سبل الحياة وتسخيرها لخدمة المجتمع عمليا ، وكل ذلك من أجل الحصول على جوائز أو تقديرات أو الجري وراء لقمة العيش من خلال وظيفة أخرى لا تمت لتخصصه بصلة .
إن توطين التقنية ونقل المعرفة من الدول المتقدمة صناعيا مثل أمريكا واليابان وجنوب شرق آسيا وأوروبا يحتاج إلى قناة اتصال أساسها العنصر البشري لذلك فإن وجود عقول ذات خبرات وكفاءات متميزة في الدول المتقدمة يساعد في الإسراع في عملية النقل وخير شاهد على مثل هذا التوجه استفادة كل من الهند من علمائها المهاجرين وكذلك الصين وفي نفس الوقت لا ننسى تجربة اليابان وربما تكون أكبر من استفاد من هذا الأسلوب هي إسرائيل حيث يهود الشتات وعلمائهم المنتشرون في كل مكان.
وعلى أية حال فإن الدعوات التي كانت تنادي بعودة هذه العقول المهاجرة إلى بلادها لتشارك في البناء قد خفتت كثيرا لعدم واقعيتها، والآن حل محلها النداء الأكثر عقلانية وهو الذي يدعو إلى بناء شراكة مع العقول المهاجرة فالعلماء المصريون اليوم يتواجدون في أعرق المراكز العلمية والجامعية والبحثية والصناعية ويطورون كثيراً منها، لذلك فإن بإمكانهم عند تقديم دعوة صادقة لهم للمشاركة من مواقعهم في بعض البرامج القائمة هنا في مراكز البحث والجامعات أن يكونوا خير عون إذا أحسن الاختيار وصدقت النوايا .
بقي أن نؤكد بأن الشعب بكل فئاته الآن فقد المصداقية في النظام بصفة عامة ولم يعد يوجد من يصدق أي حديث عن أرقام وخطط وإحصائيات وغيرها ، وتحضرني هنا زيارة قمت بها منذ عامين إلى المركز للقومي للبحوث، واطلعت على مشروع فخم اسمه الطريق إلى نوبل يهدف إلى إعداد علماء مصريين للفوز بجائزة نوبل خلال عشر سنوات، وعندما سألت بتلقائية شديدة عن الفترة التي مضت من العشر سنوات حتى الآن، وجدت إجابات أساتذة المركز تحمل الكثير من السخرية بأن هذه السنوات العشر مطاطة ليس لها بداية أو نهاية. مرة ثانية وثالثة نؤكد بأن المفتاح الحقيقي لتحقيق أي تقدم جاد في أي مجال من المجالات يتمثل في الإرادة السياسية الصادقة والرغبة الحقيقية من جانب النظام، فبدونها تصبح كل الخطط والأفكار مجرد كلام على ورق ويستحيل أن نحرز ذلك التقدم.
ولكن هل تتواجد هذه الرغبة في النظام الحالي؟ mwsad@hotmail.com
DOCTOR Admin
عدد الرسائل : 228 الفرقة الدراسية أو العمل : الطب مزاجى : تاريخ التسجيل : 26/11/2007
موضوع: رد: موضوع للنقاش:نزيف العقول بين مصر وإسرائيل 27.12.07 10:19
للأسف هى د ى بلدنا بحلوها ومرها ما علينا إلا الصبر والمحاولة يمكن بل بإذن الله ستتغير
24.12.07 8:16
كان إحساسي هو مزيج من مشاعر الدهشة والألم عندما قرأت تقريرا نشرته جريدة هاآرتز الإسرائيلية يوم 29 نوفمبر الماضي، تتحدث فيه عن ما أسمته "عودة الحقوق "، وتطرق التقرير إلى الخطة التي وضعها وزير استيعاب المهاجرين "ياكوف ايدري" لعودة 25 ألفا من المهاجرين إلى الكيان الصهيوني وكلهم من العلماء وأصحاب العقول والتخصصات النادرة، بالإضافة إلى الميزانية الضخمة التي وضعتها الحكومة لإعادتهم والمميزات الهائلة التي تنتظر من يعود إلى إسرائيل.
